العذاب التنتالي , منسوب إلى تانتال أو تنتالوس , وهو في الميثولوجيا الإغريقية يرمز إلى العذاب الأبدي أو الحلم الذي لا يتحقق .
وتنتالوس هو أحد ضحايا زيوس رب الأرباب ( حسب الميثولوجيا الإغريقية ) وكبير الألهة الإغريقية , وعقاباً لتنتالوس على إفشائه أسرار زيوس غُطس حتى ذقنه في الماء العذب وقد تدلت فوق رأسه الثمار اليانعة ولكن كلاً من الماء والفاكهة كان يفر منه كلما حاول أن يذوقه , وأستمر على هذا الحال المأساوي مدى الحياة .
وأساطير الإغريق مع كل ما تحويه من الخرافات والأكاذيب والبعد كل البعد عن الواقع في شخصياتها , والقسوة المفرطة التي تطبقها الألهة على المغضوب عليهم , ولكنها تحوي في طياتها نوعاً من الحكمة .
بشكل أو بأخر فإن تنتالوس موجود بيننا وسيزيف موجود بيننا وأطلس موجود بيننا , وتنتالوس البائس الذي يعاني العطش وهو محاط بالماء العذب ويعاني الجوع وهو محاط بالفواكهة اليائعة , قد تتكرر معاناته مجدداً بأي شكل من الأشكال .
المشجع الشبابي يحلم بأن يدار ناديه بأيدٍ شبابية وكفاءات شبابية , ولكن في الأونة الأخيرة اكتشفنا أن هذا الحلم مجرد حلم تنتالي وأمل بعيد المنال وبعيد عن التحقيق .
المشجع الشبابي يحلم بأن يحتضن نادي الشباب الجديد موهبة ناشئة ويصقل موهبتها ويقدمها للفريق الأول ومن ثم للمنتخب السعودي , ولكن مع مرور الوقت اكتشفنا أن هذا الحلم مجرد حلم تنتالي وسراب مخادع بعيد كل البعد عن عالم الحقيقة والواقع .
ومن الأحلام البريئة التي يحلم بها المشجع الشبابي الوفي , أن يتواجد في مدرج ناديه وقد أكتملت كل أدوات ووسائل التشجيع , فالمشجع الكريم يحلم بأن يكون مشهد المدرج جميلاً ولائقاً , ولكن عند قدومه للمدرج لا يجد سوى السراب ولا غير السراب شيئاً .
ما أجمل التعاون مع المشجع وتفهم رغبات المشجع وطموحاته , فالمشجع ليس متسولاً , ولا باحثاً عن لقمة عيش أو رغيف خبز , المشجع ليس لصاً أو مختالاً أو قاطع طريق , المشجع عاشق كيان في أهبة الاستعداد لبذل كل مايستطيعه من أجل هذا الكيان المعشوق .
وفي نادي الشباب والذي يطمح لزيادة شعبيته الجماهيرية , فإن مجالس الجمهور الشبابي وروابط المشجعين في كل أنحاء المملكة والتي تأسست من أجل دعم المدرج الشبابي , والتي اصطدم طموحها بتجاهل غير مبرر من إدارة النادي .
المشجع الشبابي في مدينة الأحساء على سبيل المثال , من أبسط حقوقه كمشجع شبابي أن يدعم بالوسائل والأدوات التشجيعية المحفزة , ومن أجل تحقيق هذا المطلب يجب أن يدعم مادياً ومعنوياً لخدمة النادي ومسيرته أولاً وأخيراً , وإدارة النادي لديها علم مسبق بمطالب وإحتياجات المدرج الشبابي .
مع التجربة ومع كثرة الوعودة المنسية , أصبح المشجع الشبابي على علم ومعرفة بكل الأوضاع والظروف المحيطة بالمدرج الشبابي , ولأنه لا يريد أن يعيش دور تنتالوس ومعاناته الأبدية وحلمه البعيد المنال , صار لا يرجو شيئاً ولا ينتظر دعماً من إدارة النادي .
نكرر ونزيد بأن المشجع الشبابي ليس شحات أو متسول أو قاطع طريق , لذلك فضل المشجع الشبابي أن يدعم نفسه بنفسه , فكل ما يحتاج المدرج لا يتجاوز مجموعة من الشعارات الشبابية والتيشيرتات الشبابية وأدوات بسيطة للتشجيع والمساندة , والسعر الإفرادي للحبة الواحدة للتيشيرت الشبابي لا يتجاوز ( عشرة ريالات ) , وقد يكون سعر الجملة أقل من ذلك بكثير .
أمور بسيطة جداً , وهذه الأمور البسيطة حتى يتم توفيرها للمدرج الشبابي , فإن المشجع الشبابي سوف يصطدم بنوع من البيروقراطية المعقدة , وسوف يخالجه شعور غريب بأنه أصبح متسولاً , وبعد الأخذ والرد وطول الإنتظار قد يحصل على دعم بسيط , يشعر معه المشجع بأن هذا الدعم المستحق مجرد صدقة أو زكاة أموال .
شعور مؤلم عندما تدرك بأنك مجرد عضو زائد لا قيمة له , والأكثر إثارة للألم عندما تشعر بأنك أصبحت عالة على الأخرين , لذلك قرر المشجع الشبابي أن يستقل بذاته لكي يبعد نفسه عن كل هذه المشاعر السلبية والإحساسات الدونية .
أصبح المشجع الشبابي ينظم التجمعات والملتقيات الجماهيرية ويكون روابط مستقلة ( وهم عبارة عن مجموعة من الأصدقاء ) يجتمع الأصدقاء ويجمعون مبلغ معين وهو ما نطلق عليه عرفاً ( قطية ) , والقطية هذه ترحمك وتحفظ ماء وجهك من البيروقراطية المعقدة والمتوقعة .
والمشجع هنا هو ( صاحب السبيل ) وهو الذي يقط ويتبرع من ماله الخاص , هناك من يتبرع بخمسين ريال ومنهم من يتبرع بمئة ريال ومنهم من يصل بالتبرع لمبلغ أكبر يصل للألف والألفي ريال , والمشجع هذا ليس من أبناء الأرستقراطيين أو الطبقة المخملية في المجتمع , هذا المشجع قد يكون طالب جامعي أو موظف عادي ينتظر يوم الخامس والعشرين بفارغ الصبر , وقد يكون عاطل مؤقتاً عن العمل , ولكن هذا المشجع يدفع من ماله الخاصة لأنه يعشق نادي الشباب ويعشق تراب نادي الشباب .
وهذا المصير قد يتعرض له المشجع الشبابي في المنطقة الشرقية والغربية والوسطى , كلهم يعانون نفس المصير للأسف الشديد , وكلهم في الهوى سوى .
انقلب حال المشجع الشبابي وكأنه عضو في حزب سياسي معارض , كل هذا من أجل الهروب من البيروقراطية التي صنعها النادي في طريقهم , ولأنهم لا يريدون أن يعيشوا مصير تنتالوس البائس قرروا الهرب والإستقلال .
نادي الشباب يستحق أكثر , ومن أجل عين تكرم مدينة ...
محمد السعد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق