الاثنين، 15 يوليو 2013

انه السيستم ..!!

في كازان التي تعتبر ثالث عاصمة لروسيا هناك مشهد يبين الأسباب الحقيقية التي تجعل رياضتنا العربية متأخرة عن الركب العالمي..فالمشهد هنا يقول لك بوضوح انك بعيدا كل البعد عن المنافسة والوقوف على منصات التتويج العالمية..وربما يخالجني المشهد الذي يتكرر مابين أولمبياد لندن الاخيرة التي أقيمت في رمضان الماضي وبين النيوفرساد التي تقام في مدينة كازان الروسية في شهر رمضان الحالي والمسافة بين الرياضة العربية ومثيلاتها من الدول الاوروبية والآسيوية وكذلك الافريقية والأمريكية بعيدة بمسافات طويلة..مع العلم بأننا اصبحنا نعلم اين يكمن الخلل ولكن مازلنا نلدغ من نفس الجحر.

جمعني في نيوفرساد كازان بعدة شخصيات ربما ابرزها عمدة القرية الاولمبية (فريد عبدالغنيف وهو مسلم) الذي كان يتحدث بلغة الأرقام..وكان دقيقا جداً..فقد بنأوا القرية الاولمبية في (١٣ شهرا) على مساحة ٤٠ الف متر مربع..لتتسع ١٥ الف رياضي..والرقم واضح ودقيق فقد صرفوا (١٠٠٠ دولار) على المتر المربع الواحد..يتضمن كل شيء البناء التأثيث الكهرباء التكنولوجيا الترفيه الخدمات..وهي القرية التي قرروا ان ينفذونها في عام ٢٠٠٩..وكانت واقعا بعد عام واحد..بل وتعمل بشكل دوري طوال العام من بطولة الى دورة ومن دورة الى بطولة..وهكذا اعادة القيمة التي دفعوها في المدينة خلال ثلاث سنوات.. واذا سألنا كم صرفنا على المدينة الرياضية في ولاية المصنعة..لن يكون الرقم دقيقا..وكم من البطولات التي أقيمت عليها منذ انشأها في عام ٢٠١٠..ستجد بأن رقما زهيدا من الفعاليات التي أقيمت في هذه المدينة التي كلفت الدولة الملايين..والسؤال الصعب هو متى سنستعيد قيمتها فعلا..طبعا الجواب في علم الغيب..!!

لنعود الى كازان التي اطلق عليها في عام ٢٠١٢ مدينة الرياضة وهي فعلا مدينة الرياضة ففيها اكثر من (٦٥ منشأة رياضية) وكل منشأة تقول أنا افضل من الاخرى..ملاعب كرة قدم وصالات رياضية على سبيل المثال (٣٠ ملعب لكرة السلة فقط) وحمامات سباحة والتي ستستضيف في العام ٢٠١٥ بطولة العالم للسباحة والماء في اكبر وأفخم حمام سباحة مغطى..والذي هو فعلا تحفة معمارية تفوق التحف الهندسية الراقية في القصور..وز على ذلك الأكاديمية المتخصصة لتخريج ابطال في لعبة التنس الأرضي ناهيك عن ملاعب كرة القدم واحدها صمم بشكل بيضاوي والذي شهد افتتاح النيوفرساد الحالي والذي سيستضيف احد جولات بطولة العالم لكرة القدم ٢٠١٨..وغيرها من الملاعب والمرافق..وكما يقول المثل الدارج ( عد وحسب)..بدون حسد..فالحسود لا يسود..!
ويتحدثون الان في كازان عن حملة لاستضافة أولمبياد ٢٠٢٠..والتي ستطلق مع أولمبياد البرازيل القادم..والعمل جاري في جميع الجهات من اجل تحقيق المعادلة الرياضية والتجارية والصحية والتي تروج فعلا للدول بالشكل السليم والصحيح..كل شيء هنا في كازان محسوب بالقلم والورقة..ولم يتركوا شيئا للصدفة..!!
ومع هذا كله فاجأتني معلومة صرح بها لي عمدة القرية الاولمبية لي شخصيا بأنهم يستقبلوا طلبة الجامعات في الفرية الاولمبية بقيمة ( دولارين فقط) في الشهر الواحد..وهي معلومة اذهلتني..فالمستوى الذي نفذت وبنيت فيه القرية الاولمبية بكازان مستوى راقي جداً ويتوفر داخل القرية كل الخدمات التي تتخيلها والتي لا تتخيلها..ولا يدفع الطالب سوى دولارين في الشهر يعني اقل من ريال واحد..والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا السعر الزهيد مقابل ماذا..انه مقابل ان يكونوا مجتمعا متعلما ورياضيا واجتماعيا يساهم في نمو المجتمع بدون ان يحمل بالإعباء المالية..والنتيجة ان روسيا اليوم تتصدر النيوفرساد الجامعي بأكثر من (١٨٠ ميدالية)..لا تنافسها اي دولة اخرى من الدول المشاركة وتأتي اليابان في الترتيب الثاني برصيد (٤٥ ميدالية) أي بفارق (١٤٠ ميدالية)..وتقول روسيا للعالم من سيقف أمامي في الاولمبياد القادمة..لانها تبني جيلا من الرياضيين المتعلمين والذين سيأكلون الصخر من اجل تحقيق الانجازات لبلادهم.
وفي المقابل عندما قمنا بمقارنة بسيطة بين عدد الدول المشاركة في النيوفرساد الحالي وجدنا الرقم مخجلا فلم يتعدى الرقم (١٠ دول عربية) وبعدد لا يزيد عن (٢٣٠ رياضي وإداري وفني)..فيما وفد واحد من الوفود الاوروبية يساوي ويزيد عن كل العرب المشاركين في هذه التظاهرة الرياضية التي

وقد قال فلاديمير بوتن رئيس الجمهورية الروسية: ( بأنه لا يمكن ان تقارن اي بطولة في العالم بنيوفرساد الجامعات ماعدا الاولمبياد من حيث الحجم وتنوع المنافسة في الرياضات)..لان نتاج النيوفرساد ينعكس في الاولمبياد لذلك لم يحقق العرب في أولمبياد لندن سوى القليل جداً..ولم يحققوا في النيوفرساد ولا ميدالية..وسيظل وضعنا الرياضي العربي بائسا في الاولمبياد القادم..وهكذا دواليك..مع ان السبب معروف وواضح.
وحاولت خلال تواجدي في نيوفرساد كازان بأن التقي بمعظم الوفود العربية الرياضية المشاركة لاستمع منهم عن سبب الإخفاق العربي المستمر..فكان هناك إجماع كبير بأننا في الدول العربية لا يوجد لدينا نظام رياضي ينتج رياضيين بشكل سليم..وتكاد تكون الرياضة الجامعية هامشية في الاهتمام العام للرياضة بشكل عام..وهناك دول لا تولي بالرياضة الجامعية اي اهتمام..لذلك تكون مشاركتها شرفية.
وتسألت مع نفسي هل لهذه الدرجة نحن بعيدون رياضيا عن العالم وأتكلم هنا ليس عن عمان فقط بل عن العالم العربي بأكمله..وقبل ان أجيب على تساؤلاتي التي تدور في خلدي.. التقيت بالصدفة المحضة بأحد مدربي السباحة من الوفد الكندي الذي حقق في يوم واحد (٧ ميداليات ) وهو مصري الجنسية يعمل مديرا فنيا مع البعثة الكندية ومدربا للسباحة في آن واحد..وهو الذي ادخل السباقات الطويلة في كندا وأسس اول فريق للسباحة الطويلة والذي يحقق اليوم بطولات العالم..فقلت لماذا نحن بعيدون كل هذا البعد عن العالم..أجاب باختصار ..( انه السيستم يا باشا)..!!
وسأروي لكن في المقالة القادمة عن السيستم الذي يتحدث عنه الخبير المصري الذي أسس فريق للسباحة الطويلة من الصفر في كندا من دون اي دعم حكومي..واصبح الفريق اليوم يقف على منصات التتويج..؟!

سالم الحبسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق