السبت، 20 يوليو 2013

مشهد من نهر كازنكا..!!




لم يضع العالم كلمة مستحيل في قاموسهم الرياضي..فهناك عمل أكاديمي يتوافق مع العمل الرياضي والإداري..ويرتبط ارتباطا وثيقا بالتوجه السياحي والاقتصادي..مع الالتزام بمفصل الرياضة الصحية لشعوبهم الكبير منهم قبل الصغير..ولإنتاج رياضة تنافسية شريفة تعتمد على إنجازات حقيقية..والوقوف على منصات التتويج العالمية من خلال جيل رياضي تم إعداده بلغة العلم وليس بالاجتهادات الشخصية والفردية..أي يعني ان هناك منظومة رياضية متكاملة تعمل في الدول المتقدمة من أجل تحقيق هذه المعادلة.
في كل بطولة عالمية تؤكد التي تشارك فيها منتخباتنا العربية تكون منتخباتنا في ذيل القائمة..وهو مشهد مخجل يتكرر طوال السنوات الماضية في معظم الألعاب اذا لم يكن كلها..في كرة القدم عندما نتأمل الى كأس العالم تقوم الدنيا ولا تقعد بسبب التأهل ويتحول الصعود الى احتفاليات عارمة..وبعدها لا تتخطى منتخباتنا ولم تتخطى حاجز المشاركة الشرفية..وهلم جرا في البطولات والمسابقات الاخرى الا النذر اليسير في قليل من الرياضات..مع ان عدد كبير من الدول العربية تصرف الملايين من أجل الرياضة..ولا تصل الى سقف المنافسة الحقيقية..!

إذن اين يكمن الخلل..هل في السياسات الرياضية لدولنا..ويتبعها سياسات الاتحادات الرياضية..ومعها سياسات واستراتيجات أنديتنا الرياضية..أم المشكلة في رياضينا كلاعبين ومدربين وإداريين وحكام بأنهم لا يملكون المقدرة على المنافسة العالمية..؟!
هذا السؤال يمكن ان يتفرع منه مئات الأسئلة الاخرى المتعلقة بالأخلاق الرياضي العربي والذي لا يجد الى إجابة حقيقية ويفتقر كذلك الى نظام رياضي شامل وبالتالي تبقى المنظومة الرياضية العربية فيها الكثير من العيوب والثقوب..!
في أولمبياد لندن تفوق البريطانيون على انفسهم..وحققوا عددا غير متوقع من الميداليات..وسر تفوقهم انهم تعاملوا مع الرياضة من الناحية العلمية والصناعية..فمثلا بريطانيا تفوقت على فرنسا في الدراجات بسبب انها ركزت على صناعة رياضة الدراجات من معدات وأدوات رياضية ومنشآت وتغذية وغيرها من الجوانب التي جعلت دراجيها يحرزوا الذهب والفضة والبرونز واحتكروا الميداليات وسط ذهول ابطال اللعبة فتركوا منافسيهم في الظلام..!

وفي روسيا يتعاملوا مع الرياضة انها منظومة متكاملة تبدأ من المدرسة مرورا بالجامعة والأندية والمنتخبات الوطنية..كل شيء محسوب بدقة متناهية.. مع وجود خبراء وكوادر فنية تدريبية وطبية وإدارية وتحكيمية متكاملة تنفذ السياسة الرياضية مستندتا على قاعدة متينة من المراجع العلمية والأكاديمية..لذلك خصصوا مدينة كازان لتكون عاصمة الرياضة في عام ٢٠١٢..وجهزة بعدد خيالي من المنشآت الرياضية (٦٥ منشأة رياضية) لكل اللعبات..وهي ليست مباني خرسانية تصرف عليها الملايين فقط وانما هي بنوك رياضية تدخل على روسيا ملايين الدولارات وبشكل علمي مدروس من خلال استثمارات رياضية تأتي عبر استضافة بطولات عالمية متنوعة ودورات رياضية مستمرة وبدون توقف..لذلك سياستهم واضحة وجلية..ولذلك تفوقوا على العالم اجمع في نيوفرسياد كازان وجمعوا نصيب الأسد من الميداليات (٢٩٢ ميدالية)..وتركوا المنتخبات الاخرى بعيدة عنهم بمسافات طويلة..!

المشهد من نهر كازنكا في روسيا صافي بدون (غبار ولا غنبار)..فنتيجة العمل الجماعي التخطيط الشمولي جعلهم يتبوأ اليوم قمة الاولمبياد الجامعية..لأنهم يعرفون ماذا تعني الرياضة الجامعية..فجمعوا (١١٧٠٠ رياضي) في تظاهرة هي الاولى من نوعها في تاريخ الرياضة الجامعية..وهم اليوم ينظرون الى أولمبياد البرازيل المقبلة بنظرة مختلفة تماماً عما سبق..واصبحوا يقلقوا منافسيهم في الاولمبياد وبطولات العالم..!

أما نحن العرب نتوقف امام هذا المشهد لنتفرج ونسطر الكلام لنعيده مرارا وتكرارا..بدون فعل حقيقي على ارض الواقع نطلق التصريحات الرنانة وننشئ الأكاديميات ونعلن عن الخطط والاستراتيجيات والمشاريع الكروية والرياضية مثل دوري المحترفين وخلافه.. بدون ان نرى ناتج حقيقي على ارض الواقع..وكل جهة من الجهات الرياضية تلوم الاخرى بالتقصير..وهكذا بقينا وسنبقى محلك سر..ونشارك بخجل..!
ان المشهد الذي ظهر جليا في نيوفرساد كازان يقول بوضوح علينا ان نعيد حساباتنا..فالانجازات لا تتحقق بالأحلام والكلام المعسول والتواكل والتراخي..وانما بالعمل الحقيقي الذي ينطلق من ثوابت سليمة تعتمد على الرياضة المدرسية والجامعية قبل ان نحلم بتحقيق ميدالية واحدة..علينا ان نعيد النظر في السستم الرياضي العربي اذا كنا نريد ان نكون مع القوم المنافسون..!!

سالم الحبسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق